إن الأزهر الشريف بوسطيته يولي الوحدة الوطنية أشد الحرص ، ويجابه بكل ما أوتي من علم وفكر ورأي وعقلانية شق الصف الوطني ، ويسعى سعيًا دءوبًا لجمع شركاء الوطن تحت راية واحدة حتى يكون الكل في واحد ، في نفس الوقت الذي يعمل بجدية على نبذ الخلافات ، ويجتهد في جمع الشمل دون أدنى انحياز لفصيل على حساب آخر .
نؤكد على أن دور الأزهر الشريف أجل وأسمى من كل دور سياسي وقتي زائل ، أو مكانة من المحال أن تبقى وهذه هي سنة الحياة ، الله وحده الباقي أزلاً وكل شيء زائل إلا وجهه الكريم ، الله وحده هو الذي يؤتي الملك لمن يشاء ، يعز من يشاء ، ويذل من يشاء ، بيده كل الأمور ، وهو على كل شيء قدير ، فكل شيء يتغير أو قابل للتغير إلا رب العزة سبحانه وتعالى ، وهو القادر على أن يغير كل شيء دون أن يتغير ، المهم أن نعي ذلك ونفهمه ، ونعلم أن الذي يبقى بالفعل هو ما ينفع الناس ، وأن خير الناس أنفعهم للناس ..
وعلى كل المشتغلين في الدعوة الإسلامية أو المحسوبين عليها أو الزاعمين بأنهم من أهل الدعوة ، عليهم أن يبتعدوا عما يشق صف الوطن ، ويسيء إلى أعرق المؤسسات الوطنية التي تمثل بحق وجلاء الوسطية والاعتدال والاستنارة ، وأن يقدروا أمانة الكلمة ، ويلتزموا في كلامهم وأقوالهم بالحكمة والموعظة الحسنة ..
على هؤلاء أن يضعوا في الاعتبار صالح الوطن والمواطن ، ووحدة الصف التي هي لب الأمن والأمان والاستقرار لأي أمة تسعى إلى النماء والتقدم والرخاء والرقي لجميع أفرادها ، واضعين في الاعتبار أن المواطن البسيط العادي لا يصح أن يزج به في أمور جدلية تافهة فارغة تضر أكثر مما تنفع ، في نفس الآن التي لا تمثل له أي أهمية بأي حال من الأحوال ، فالمواطن العادي البسيط كل ما يهمه الأمن والأمان ، وتوفير حياة محترمة تقيه شر السؤال والحاجة ، فلنطعم الناس من جوع أولاً ، حتى نقيهم شر الخوف من الفقر والجهل والمرض ..